إعادة نظر

الرياض/ رجا ساير المطيري: ليست القضية التي أثارتها الروائية السورية سمر يزبك ضد المخرج السعودي علي الأمير سوى شيء بسيط مما قد يتعرض له المخرجون السعوديون الشباب مستقبلاً إن هم استمروا على نهجهم الحالي المتمثل في اقتباس إبداعات الغير بشراهة ومن دون الإشارة إلى مصدرها الأساسي بشكل واضح وصريح، فكم من فيلم سعودي رأيناه وهو يطرز مشاهده بموسيقى عالمية شهيرة لا يتكلف المخرج بالإشارة إلى مبدعها الأول، وإذا أشار فهو يذكر اسم الموسيقار مجرداً وكأنه أحد العاملين في الفيلم!. وهذا خلل كبير يشي بضعف إدراكنا لأبسط حقوق المؤلف..

هذه القضية تدعونا لإعادة النظر في مسيرة الأفلام السعودية، فبالإضافة إلى عدم احترام الملكية الفكرية، هناك عدة ملاحظات.. أولها تتعلق بنظرة المخرجين لما يقدمونه من اعمال، فالغالب منهم ينظر إلى نفسه كما لو أنه المبدع الوحيد الذي جاء من أجل تصحيح مسار السينما العالمية، فإن رأيته متحدثاً لوسائل الإعلام ستظن أنك أمام شخص عظيم بمستوى كويبريك أو سكورسيزي. وهذا غرور وانتشاء بإنجازات وهمية ليست بذات قيمة إذا قسناها بالمعايير الدولية أو الإقليمية. يجب أن يعي المخرج السعودي أنه جيّد ضمن الحدود المحلية فقط. وأن الطريق نحو المنافسة الخليجية على أقل تقدير تحتاج إلى جهد كبير من البحث والدراسة والمشاهدة.

الملاحظة الثانية تخص الوصف الذي نسبغه عليهم وهو مسمى (مخرج)، فهذا المسمى أطلق عليهم من الناحية الإجرائية والوظيفية فقط، فهم مخرجون لأنهم أخرجوا الأفلام فقط، ولا يعني ذلك أنهم مبدعون. عندما أشاهد الروسي العظيم (تاركوفسكي) وهو يحفر في أفلامه بحثاً عن صيغ إبداعية جديدة تقود إلى فهم دقيق لماهية السينما فإني اشعر بالخجل عندما أشركه هو وشاب سعودي هاوٍ في مسمى واحد هو (مخرج). إن الأول مخرج حقيقي، مبدع وعظيم، أخذ من الوصف معناه الوظيفي ومعناه الإبداعي، أما الثاني، المخرج السعودي الشاب، فقد اكتفى بكونه مخرجاً وظيفياً لا أكثر. وسيكون امامه سنوات من الجهد كي يصل الى احقية حمل هذا المسمى كمخرج مبدع.ولن يبلغ هذا المستوى دون معرفة ودون المام بتاريخ السينما، قراءة ومشاهدة، وحول هذه النقطة تحديداً تدور الملاحظة الثالثة، إذ يلحظ على بعض المخرجين الشباب عدم اكتراثهم بمتابعة ما يدور حولهم، وعدم حرصهم على مشاهدة الأفلام بكافة اتجاهاتها بل إن بعضهم لا يعرف من هو كويبريك ولا يعرف من السينما إلا اسمها.. فأي إبداع ينتظر من مخرجٍ محدود الأفق كهذا؟!